طه حسينولد طه حسين في نوفمبر سنة [1889] في عزبة "الكيلو" التي تقع على مسافة كيلومتر من حسين في الرابع عشر "مغاغة" بمحافظة المنيا بالصعيد الأوسط، وكان والده حسين عليّ موظفًا صغيرًا رقيق الحال في شركة السكر، يعول ثلاثة عشر ولدًا سابعهم طه حسين.
فقد البصر:ضاع بصره في السادسة من عمره نتيجة الفقر والجهل، وحفظ القرآن الكريم قبل أن يغادر قريته إلى الأزهر طلبًا للعلم، وتتلمذ على الإمام محمد عبده الذي علمه التمرد على طرائق الإتباعيين من مشايخ الأزهر، فانتهى به الأمر إلى الطرد من الأزهر، واللجوء إلى الجامعة المصرية الوليدة التي حصل منها على درجة الدكتوراه الأولى في الآداب سنة 1914 عن أديبه الأثير: أبي العلاء المعري . ولم تمر أطروحته من غير ضجة واتهام من المجموعات التقليدية حتى بعد أن سافر إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه الفرنسية.
عاد من فرنسا سنة 1919 بعد أن فرغ من رسالته عن ابن خلدون، وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني إلى سنة 1925 حيث تم تعيينه أستاذًا في قسم اللغة العربية مع تحول الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية. وما لبث أن أصدر كتابه "في الشعر الجاهلى" الذي أحدث عواصف من ردود الفعل المعارضة، وأسهم في الإنتقال بمناهج البحث الأدبي والتاريخي نقلة كبيرة فيما يتصل بتأكيد حرية العقل الجامعي في الإجتهاد.
وظل طه حسين يثير عواصف التجديد حوله، في مؤلفاته المتتابعة ومقالاته المتلاحقة وإبداعاته المتدافعة، طوال مسيرته التنويرية التي لم تفقد توهج جذوتها العقلانية قط، سواء حين أصبح عميدًا لكلية الآداب سنة 1930، وحين رفض الموافقة على منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين /سنة 1932، وحين واجه هجوم أنصار الحكم الاستبدادي في البرلمان، الأمر الذي أدى إلى طرده من الجامعة التي لم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة صدقي باشا.
لم يكف عن حلمه بمستقبل الثقافة أو انحيازه إلى المعذبين في الأرض في الأربعينات التي انتهت بتعيينه وزيرًا للمعارف في الوزارة الوفدية سنة 1950 فوجد الفرصة سانحة لتطبيق شعاره الأثير "التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن".
وظل طه حسين على جذريته بعد أن انصرف إلى الإنتاج الفكري، وظل يكتب في عهد الثورة المصرية، إلى أن توفي عبد الناصر وقامت حرب أكتوبر التي توفي بعد قيامها في الشهر نفسه سنة 1973.
وتحفته "الأيام" أثر إبداعي من آثار العواصف التي أثارها كتابه "في الشعر الجاهلي" فقد بدأ في كتابتها بعد حوالي عام من بداية العاصفة، كما لو كان يستعين على الحاضر بالماضي الذي يدفع إلى المستقبل. ويبدو أن حدة الهجوم عليه دفعته إلى استبطان حياة الصبا القاسية، ووضعها موضع المسائلة، ليستمد من معجزته الخاصة التي قاوم بها العمى والجهل في الماضي القدرة على مواجهة عواصف الحاضر.
ولذلك كانت "الأيام" طرازًا فريدًا من السيرة التي تستجلي بها الأنا حياتها في الماضي لتستقطر منها ماتقاوم به تحديات الحاضر، حالمة بالمستقبل الواعد الذي يخلو من عقبات الماضي وتحديات الحاضر على السواء، والعلاقة بين الماضي المستعاد في هذه السيرة الذاتية والحاضر الذي يحدد اتجاه فعل الاستعادة أشبه بالعلاقة بين الأصل والمرآة، الأصل الذي هو حاضر متوتر يبحث عن توازنه بتذكر ماضيه، فيستدعيه إلى وعي الكتابة كي يتطلع فيه كما تتطلع الذات إلى نفسها في مرآة، باحثة عن لحظة من لحظات اكتمال المعرفية الذاتية التي تستعيد بها توازنها في الحاضر الذي أضرّ بها.
ونتيجة ذلك الغوص عميقًا في ماضي الذات بمايجعل الخاص سبيلا إلى العام، والذاتي طريقًا إلى الإنساني، والمحلي وجهًا آخر من العالمي، فالإبداع الأصيل في "الأيام" ينطوي على معنى الأمثولة الذاتية التي تتحول إلى مثال حي لقدرة الإنسان على صنع المعجزة التي تحرره من قيود الضرورة والتخلف والجهل والظلم، بحثًا عن أفق واعد من الحرية والتقدم والعلم والعدل. وهي القيم التي تجسّدها "الأيام" إبداعًا خالصًا في لغة تتميز بثرائها الأسلوبي النادر الذي جعل منها علامة فريدة من علامات الأدب العربي الحديث.
نشر معظم كتبه لدى تلميذه في كلية الاداب بهيج عثمان اللبناني صاحب دار العلم للملايين في بيروت.
مؤلفات: * في الأدب الجاهلي.
* الأيام.
* دعاء الكروان.
* شجرة البؤس.
* المعذبون في الأرض.
* على هامش السيرة.
* حديث الأربعاء.
* من حديث الشعر والنثر.
* مستقبل الثقافة في مصر.
وقد رفض المجتمع المصري المحافظ الكثير من آرائه في موضوعات مختلفة خاصة حين رجوعه من فرنسا. ويعتبر كتابه "الأيام" سيرة ذاتية تعبر عن سخط كاتبها على واقعه الإجتماعي، خاصة بعد أن عرف الحياة في مجتمع غربي متطور.
وفات:توفي في 28 أكتوبر 1973 عن عمر يناهز 84 عاما.
نقبلوا تحيات أخوكم أمير الحزن